أجاز المشرع في قانون التحكيم (م 52/2) الطعن في حكم التحكيم بطريق دعوى البطلان الأصلية وحدد أحوال أو أسباب قبول دعوى بطلان أحكام التحكيم الصادرة في مصر سواء أكان التحكيم داخلياً أم دولياً (م 53) وقد نقل قانون التحكيم طائفة من هذه الأسباب من نصوص قانون المرافعات التي ألغاها ولكنه أضاف أسباب أخرى. ولذلك فإن الأحكام التي كانت مطبقة على الطائفة الأولى المذكورة في ظل نصوص قانون المرافعات الملغية تظل قابلة للتطبيق تحت لواء قانون التحكيم، ومن هنا تبدو فائدة الإشارة إلى الأحكام المشار إليها مع بيان أوجه التحديد التي أتى بها قانون التحكيم. ويمكن رد أسباب البطلان، كما وردت في قانون التحكيم، إلى عدة مسائل تتعلق باتفاق التحكيم والقانون المطبق على موضوع النزاع وتشكيل هيئة التحكيم وإجراءات التحكيم وحكم التحكيم سواء فيما يتعلق بشكله أو موضوعه مما يتضمن مخالفة للنظام العام في مصر. وقد حددت المادة (53) أسباب بطلان حكم التحكيم وجدير بالذكر أنه على سبيل الحصر ليس من بينها الاعتراض على تقرير الخبير وابتناء الحكم على هذا التقرير، حيث تخلص وقائع الدعوى بموجب خطاب النوايا وعقد الاتفاق المبرم بين المدعي وبين المدعى عليه الأول والمؤرخ في 7/4/1993 باعت الشركة المدعية للمدعى عليه الأول كمية 7029 طن (سمسم) طبقاً للشروط والمواصفات المتفق عليها في عقد البيع وخطاب النوايا وذلك لقاء قيمة إجمالية قدرها 16635650 جنيهاً وقد التزم المدعى عليه الأول في عقد البيع وخطاب النوايا بأن الحد الأقصى لسحب هذه الكمية من السمسم وسداد ثمنها هو 170 يوم كما تم الاتفاق في العقد على سداد مبلغ 2 مليون جنيهاً كعربون يتم رده في حالة تمام التنفيذ طبقاً لشروط العقد أو أن يصادر هذا العربون في حالة إخلاله بالتزاماته المبينة في العقد بالإضافة للتعويضات وتضمن عقد البيع مسئولية المدعى عليه عن البضائع من تاريخ التوقيع على العقد، هذا وقد قامت الشركة المدعية بتنفيذ كافة الالتزامات المترتبة على العقد إلا أن المدعى عليه أخل بالتزاماته وبتاريخ 6/5/1998 قام المدعى عليه الأول بتقديم طلب تحكيم إلى مركز القاهرة الإقليمي وهو المدعى عليه الثاني. وبجلسة 13/12/1998 أصدرت هيئة التحكيم حكماً قبل الفصل في الموضوع ندب خبير حسابي في الدعوى لأداء المهمة التي حددها قرار هيئة التحكيم. ورغم ذلك أصدرت هيئة التحكيم بجلسة 25/9/2000 حكماً في الدعوى 110 لسنة 1998 بالتزام الشركة المدعية بأن تؤدي للمدعى عليه الأول مبلغ 459185 جنيهاً قيمة ما سدده المدعى عليه بالزيادة عن ثمن البيع الموجود في العقد وبإلزامها بأن تؤدي مبلغ مليون جنيه قيمة العربون المقدم منه عند إبرام العقد وبإلزام الشركة المدعية بأن تؤدي للمدعى عليه الأول أيضاً مبلغ 103936 جنيهاً قيمة الفوائد الدائنة على العربون المقدم منه كضمان وبإلزام الشركة المدعية أيضاً بأن تؤدي للمدعى عليه الأول مبلغ وقدره 300000 جنيهاً تعويضاً عما أصابه من عدم فتح حساب مصرفي وبإلزام المدعى عليه الأول بأن يؤدي للشركة المدعية مبلغ 189226 جنيهاً قيمة مصاريف التخزين ومصروفات التأمين على البضاعة. وحيث أن ذلك الحكم لم يلق قبولاً من الشركة المدعية فقد أقامت دعواها الماثلة نعياً عليه بالبطلان وقد عددت في صحيفة دعواها إحدى عشر سبباً لبطلان الحكم. وحيث أنه عن الأسباب الاثنى عشر التي تساندت إليها الشركة المدعية في طلبها الحكم بالبطلان لا يندرج إليهم تحت أي من الحالات السبع التي أوردها المشرع على سبيل الحصر في المادة 53 من قانون رقم 27 لسنة 1994 لقبول دعوى بطلان حكم التحكيم. ذلك أن الثابت من الحكم المطعون عليه أن هيئة التحكيم طبقت القانون المصري وفق شرط التحكيم الوارد في اتفاق التحكيم موضوع النزاع واختلاف وجهة نظر الشركة المدعية مع ما انتهى إليه الخبير المنتدب في الدعوى أو اتفاقها معه وكذلك اعتماد الحكم المطعون عليه على ما انتهى إليه ذلك الخبير أو إهداره له لا ينال من صحة الحكم المطعون عليه وأن الادعاء بالبطلان عن تقرير الخبير يعوزه الدليل الأمر الذي تكون معه المحكمة أن الدعوى قد جاءت على غير سند صحيح من الواقع والقانون. ولهذه الأسباب حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع برفضها وألزمت الشركة المدعية بالمصروفات ومبلغ عشرين جنيها مقابل أتعاب المحاماة. وفي ذات المعنى قضى في دعوى تخلص وقائعها "بموجب عقدي إدارة اتفقت الشركة الأولى مع الشركة الثانية أن تدير الأولى بواخر نيلية "فنادق عائمة" مملوكة للثانية لمدة عشرين سنة فالعقد الأول خاص بإدارة الباخرتين أ، ب ومؤرخ في 5/10/1987 والثاني محرر في 31/1/1980 خاص بباخرتين أخرتين ج، د واحتوى كلاً من العقدين بنداً بالالتجاء إلى هيئة تحكيم ثلاثية بشأن كل نزاع يتعلق بتفسير العقد وتنفيذه. وبدأت شركة الإدارة الأولى إجراءات التحكيم بشأن العقد الثاني